تُعدّ جريمة غسل الأموال من أخطر الجرائم المالية التي تهدف إلى إخفاء أو تمويه المصدر أو الوجهة غير القانونية للأموال أو الأصول التي تم الحصول عليها من أنشطة غير مشروعة، مثل الاتجار بالمخدرات، التهرب الضريبي، تمويل الإرهاب، أو الفساد.
يسعى مرتكبو هذه الجريمة إلى تجنب المساءلة القانونية، والهروب من الضرائب، وإعادة تدوير الأموال غير المشروعة في الاقتصاد الرسمي، إذ تُقدر الأمم المتحدة أن حجم الأموال المغسولة سنوياً يتراوح بين 2% إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ما يعادل ما بين 800 مليار دولار إلى 2 تريليون دولار أمريكي. لذا، يُشكل غسل الأموال تهديداً كبيراً للاقتصاد العالمي، حيث يؤدي إلى تآكل الثقة في النظام المالي ويُضعف المؤسسات الاقتصادية.
مكافحة غسيل الأموال (AML) هي نظام متكامل من القوانين واللوائح والسياسات التي تهدف إلى اكتشاف الأنشطة المالية غير القانونية ومنعها، إذ تشمل هذه الجهود أيضًا منع تمويل الإرهاب (CFT) وتمويل الانتشار النووي (CPF).
تُعتبر هذه التدابير جزءاً أساسياً من الإطار القانوني الذي تسعى الحكومات والمؤسسات المالية إلى تطبيقه لحماية النظام المالي من الانتهاكات، ويأتي هذا في ظل أن تمويل الإرهاب وغسل الأموال غالبًا ما يرتبطان بشكل وثيق، حيث يتم استخدام الأموال الملوثة لدعم الأنشطة الإرهابية أو برامج الانتشار النووي.
تعد فحوصات مكافحة غسل الأموال جزءًا لا يتجزأ من استراتيجية المؤسسات المالية لمواجهة الجرائم المالية. بالإضافة إلى ذلك، فإن فحوصات مكافحة الأموال التي تجريها البنوك تتطلب تقنيات متطورة للتأكد من فعالية الإجراءات. لذا، فإن السؤال هو ما هو التحقق من مكافحة غسل الأموال وكيف يمكن تحسينه؟ تتجه البنوك اليوم نحو أتمتة التحقق من مصدر الأموال لتسريع الإجراءات وتقليل الأخطاء، مما يعزز من قدرتها على مواجهة التحديات المعقدة في هذا المجال.
فحص مكافحة غسيل الأموال هو إجراء يتم تنفيذه للتحقق من هوية العميل أو الشريك التجاري، إذ يهدف هذا الفحص إلى التأكد من أن الشخص أو الجهة المعنية لا تنخرط في عمليات غسل الأموال أو أي نشاطات إجرامية أخرى. كما يعتمد هذا الفحص على مطابقة البيانات مع قوائم العقوبات الدولية، وقوائم المراقبة، والقوائم السوداء التي تصدرها الحكومات أو المنظمات الدولية.
إضافة إلى ذلك، يتم تنفيذ هذا الفحص كجزء من التزام الشركات والمؤسسات المالية بالامتثال للقوانين واللوائح المعمول بها، إذ يتعين على الشركات إجراء هذا الفحص ضمن سياساتها لحماية نفسها من التعرض لأي مخاطر قانونية أو مالية.
تتضمن فحوصات مكافحة غسيل الأموال عدة مراحل تهدف إلى تعزيز سلامة التعاملات المالية وضمان الالتزام بالقوانين، وتشمل هذه المراحل:
تبدأ العملية بجمع المعلومات الأساسية المتعلقة بالعميل، مثل الاسم الكامل، تاريخ الميلاد، العنوان، الجنسية، وثيقة التعريف (جواز السفر أو رخصة القيادة على سبيل المثال لا الحصر)، إثبات العنوان (فاتورة خدمات أو كشف حساب بنكي على سبيل المثال لا الحصر))، بالإضافة إلى معلومات حول مصدر الأموال أو الثروة، والغرض من المعاملة، والمالكين المستفيدين إذا كان الأمر يتعلق بشركة.
تشمل هذه المرحلة فحص البيانات المجمعة للعميل أو الشريك التجاري مقابل قوائم الأفراد أو الكيانات أو الدول الخاضعة لعقوبات دولية أو قيود قانونية.
يتم خلال هذه المرحلة متابعة سلوكيات العملاء المالية وأنشطتهم التجارية، حيث يتم مراقبة العمليات المالية للكشف عن أي معاملات مشبوهة أو غير عادية، والتي قد تشير إلى تورط العميل في عمليات غسل الأموال أو جرائم مالية أخرى.
في حال تم رصد أي سلوك مريب أو غير معتاد، يتعين على الشركات الإبلاغ عن هذه الأنشطة إلى الجهات المختصة، مثل الجهات التنظيمية أو وكالات إنفاذ القانون أو وحدات الاستخبارات المالية.
يشكل فحص مكافحة غسل الأموال التزاماً قانونياً تُفرضه العديد من الحكومات على الشركات والمؤسسات المالية، وخاصة تلك التي تعمل في قطاعات مثل البنوك، التأمين، التمويل، والمقامرة، وذلك لضمان عدم التورط في أي أنشطة غير قانونية. ويُعتبر الفحص أداة فعالة لحماية المؤسسات من المخاطر المالية والقانونية، إذ يساعد على ضمان الامتثال للقوانين الوطنية والدولية.
تعد إجراءات اعرف عميلك (KYC) جزءاً أساسياً من الامتثال لمكافحة غسل الأموال، إذ تُمكّن الشركات من مراقبة نشاط العملاء والكشف عن المعاملات المريبة، حيث يتكامل فحص مكافحة غسل الأموال مع إجراءات اعرف عميلك ليُشكل جزءاً لا يتجزأ من تقييم الهوية والمخاطر، كما تتيح الفحوصات الدورية للعميل الجديد والحالي للشركات تعزيز العناية الواجبة والامتثال للأنظمة القانونية.
تختلف البيانات التي يتم جمعها لإجراء فحص مكافحة غسل الأموال تبعًا لمستوى المخاطر المرتبطة بالعميل أو الشريك التجاري، كما يعتمد ذلك أيضًا على الولاية القضائية والصناعة المعنية. تشمل البيانات المطلوبة عادةً:
تُعتبر فحوصات مكافحة غسل الأموال ضرورية للامتثال القانوني وحماية المؤسسات من المخاطر المالية والسمعة، إذ تسهم هذه الفحوصات في الامتثال للقوانين المحلية والدولية، وتجنب الغرامات والعقوبات القانونية، والحماية من الاحتيال والجرائم المالية الأخرى. كما أن الامتثال لمتطلبات مكافحة غسل الأموال يعزز الثقة بين الشركات وعملائها، ويحسن الكفاءة التشغيلية، ويساهم في دعم المسؤولية الاجتماعية والأمن العالمي.
تدعم عدة الإجراءات عمليات مكافحة غسل الأموال وتساعد في تنفيذ الفحوصات اللازمة بشكل فعال، وتشمل هذه الإجراءات:
تساعد إجراءات العناية الواجبة بالعملاء الشركات على جمع وتوثيق معلومات العملاء وتقييم المخاطر المرتبطة بهم، كما تمكن الشركات من تصنيف العملاء بناءً على مستوى المخاطر المحتمل.
تتيح إجراءات مراقبة المعاملات للشركات مراقبة المعاملات المالية للكشف عن أي أنشطة غير عادية أو مشبوهة، مما يسهم في تقليل احتمالية غسل الأموال.
تعتمد هذه الإجراءات على قوائم العقوبات التي تصدرها الحكومات والمنظمات الدولية، إذ تُمكّن الشركات من التحقق من العملاء والشركاء التجاريين للتأكد من عدم تورطهم في أنشطة غير قانونية.
تساعد هذه الإجراءات في الكشف عن الأفراد أو الكيانات ذات المخاطر العالية التي قد تكون متورطة في جرائم مالية، حيث تُسهم في منع التعاملات المالية غير المشروعة.
تُجرى فحوصات مكافحة غسل الأموال في مراحل مختلفة من العلاقة التجارية بين الشركات وعملائها أو شركائها التجاريين،ىوتشمل هذه المراحل:
في هذه المرحلة، يتم جمع المعلومات الأساسية للعميل وتقييم ملف المخاطر قبل بدء العلاقة التجارية أو المالية.
تتطلب هذه المرحلة متابعة مستمرة لسلوك العميل المالي والمعاملات التي يجريها لضمان الالتزام بالقوانين.
يحدث هذا التحفيز عند اكتشاف تغيرات غير عادية في سلوك العميل، مثل التحويلات المالية الكبيرة أو غير المبررة، مما يستدعي إعادة تقييم ملف العميل.
رغم أهمية فحوصات مكافحة غسل الأموال، تواجه الشركات العديد من التحديات في تنفيذها بشكل فعال، نستعرض أبرزها فيما يلي:
تقدم منصة فوكال حلولاً متقدمة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لأتمتة وتبسيط عمليات مكافحة غسل الأموال وفحوصات اعرف عميلك، مما يساعد الشركات في تحسين الامتثال وتقليل المخاطر، إذ تتيح هذه الحلول للشركات:
في الختام، تُعد فحوصات مكافحة غسيل الأموال التي تجريها البنوك أحد العناصر الأساسية لضمان سلامة النظام المالي، وتعتمد هذه الفحوصات على فحوصات مكافحة غسيل الأموال KYC، التي تهدف إلى جمع معلومات دقيقة حول العملاء.
إضافة إلى ذلك، تساعد الأدوات الحديثة مثل تلك التي تقدمها منصة فوكال في تحسين كفاءة عمليات مكافحة غسل الأموال وتعزيز الامتثال للإجراءات القانونية، مما يسهم في تحقيق أمان مالي عالمي.
في هذا السياق، تمثل فحوصات KYC/AML الجسر بين الامتثال القانوني وكفاءة الخدمات المصرفية. من خلال فحص مكافحة غسيل الأموال KYC، يمكن للبنوك تقييم المخاطر المرتبطة بكل عميل بدقة. كما تتيح فحوصات مكافحة غسل الأموال عبر الإنترنت للبنوك الوصول السريع إلى البيانات وتحليلها في الوقت الحقيقي. وعند الحديث عن فحوصات مكافحة غسل الأموال للبنوك، نجد أن هذه العمليات تسهم في تعزيز ثقة العملاء والهيئات التنظيمية.