يُعدّ إجراء التحقق من العملاء في المملكة العربية السعودية إجراءً ضروريًا للامتثال القانوني ومنع الجرائم المالية، حيث يتطلب الإجراء تدقيقا وتقييمًا للمخاطر، ورصدًا مستمرًا يتناسب مع الإطار التنظيمي الخاص بالمملكة.
تُسهم هذه العملية في تمكين البنوك والمؤسسات المالية من الالتزام بالقوانين السعودية والمعايير الدولية، وعلى رأسها التوجيهات الصادرة عن فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية، المعروفة اختصارًا بـ فاتف.
أوضح نظام مكافحة غسل الأموال في المملكة العربية السعودية أن تلتزم المؤسسة المالية بوضع سياسة واضحة لقبول العملاء الجدد وبناء العلاقات التجارية، تتضمن إجراءات العناية الواجبة اللازمة للتعرف على العميل والتحقق منه، أو من ينوب عنه، أو المالك المستفيد النهائي. ويجب أن تتسق هذه السياسة مع نتائج تقييم المخاطر، وأن تُوثّق وتحظى بموافقة مجلس الإدارة.
يعني ذلك أنه على المؤسسات المالية، مثل البنوك أو الشركات الخاضعة للرقابة، صياغة سياسة رسمية تحدد آليات قبول العملاء الجدد وإقامة العلاقات التجارية الجديدة. وتشمل هذه السياسة ما يلي:
بعبارات مبسطة، يفرض على البنك أو المؤسسة المالية وضع قواعد واضحة ومنهجية لفحص العملاء الجدد بدقة، خاصة لمنع الاحتيال والأنشطة غير القانونية. وتجب مطابقة هذه القواعد مع درجة المخاطر لكل عميل، كما يجب توثيقها واعتمادها رسميًا من قيادة المؤسسة.
تُظهر عضوية المملكة في فاتف منذ عام 2019 التزامها بتطبيق المعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال. كما تسعى المملكة باستمرار إلى تحديث تشريعاتها وممارساتها، لتتماشى مع توصيات فرقة العمل المالي، بما في ذلك تعزيز بروتوكولات إجراء التحقق من العملاء.
وقعّت المملكة، في يونيو 2025، مذكرة تفاهم مع دولة الكويت، تهدف إلى تعزيز التعاون الإقليمي في جهود مكافحة غسل الأموال، حيث تسهل هذه المذكرة تبادل المعلومات والتنسيق في التحقيقات المشتركة.
تخضع عملية إجراء التحقق من العملاء في المملكة العربية السعودية لقوانين صارمة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، يطبقها البنك المركزي والهيئات المختصة، كما تحافظ على التوافق المستمر مع معايير فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية، وتعمل على توسيع التعاون الإقليمي لتعزيز مكافحة الجرائم المالية.
تمثل عملية إجراء التحقق من العملاء في المملكة سلسلة متعددة المراحل تهدف إلى إدارة المخاطر طوال مدة العلاقة مع العميل. تبدأ هذه العملية من لحظة الانضمام، وتستمر بالمراقبة المستمرة للكشف عن أي نشاطات مشبوهة.
تتضمن عملية اعرف عميلك جمع المعلومات الأساسية والتحقق منها لتأكيد هوية العميل وتقييم مستوى المخاطر، وتشمل:
يتطلب بعض العملاء درجة أعلى من التدقيق، نظرًا لارتفاع المخاطر المرتبطة بهم، مثل:
تتطلب إجراءات العناية الواجبة المعززة تحقيقًا معمقًا، ورصدًا مستمرًا، كما تستلزم الحصول على موافقة الإدارة العليا قبل بدء العلاقة.
تُلزم اللوائح السعودية بالكشف عن الملاك المستفيدين النهائيين للكيانات القانونية، إذ تُعتبر هذه الشفافية مهمة لمنع استغلال الشركات الوهمية أو الترتيبات الوكيلة في أغراض غير قانونية.
لا يقتصر إجراء التحقق من العملاء على مرحلة الانضمام فقط، بل يشمل مراقبة دائمة لتحليل أنماط المعاملات المالية، بهدف كشف أي نشاط غير معتاد أو يتناقض مع الملف التعريفي للعميل. تُفعّل أنظمة التنبيه الآلية التي تحث على إجراء تحقيقات إضافية، وفي حال الاقتضاء، تُرفع تقارير عن النشاطات المشبوهة إلى الجهات المختصة.
تُمكّن هذه المتابعة المستمرة المؤسسات المالية في المملكة من التكيف مع المخاطر المتجددة، وتلبية المتطلبات التنظيمية بدقة.
يمثل إجراء التحقق من العملاء في المملكة دورة مستمرة تبدأ بالعناية الدقيقة في مرحلة "اعرف عميلك"، وتتضمن تدقيقًا معززًا للعملاء ذوي المخاطر المرتفعة، وتمتد إلى مراقبة مستمرة تتيح الكشف الفعال عن مخاطر الجرائم المالية والحد منها بفعالية.
تستجيب المؤسسات المالية في المملكة العربية السعودية للمتطلبات التنظيمية المتزايدة وحجم المعاملات المتنامي، من خلال اعتماد تقنيات وأدوات متطورة تعزز كفاءة ودقة عمليات إجراء التحقق من العملاء.
تُعد أدوات الفرز الآلي ضرورية لإجراء مقارنة سريعة وفعّالة بين بيانات العملاء وقوائم العقوبات وقوائم المراقبة، التي تشمل:
تعتمد هذه الأنظمة على خوارزميات مطابقة تقريبية، تمكّنها من التعرف على اختلافات الأسماء وتقليل حالات التنبيهات الخاطئة، كما تضمن التحديث الدوري للقوائم حفاظ المؤسسات على توافقها مع متطلبات العقوبات المتغيرة.
تمكّن هذه الأدوات المؤسسات من التعرف على العملاء الذين يشغلون مناصب سياسية بارزة، أو من لهم صلات وثيقة بهم، من خلال قواعد بيانات محلية ودولية، مع تطبيق نماذج تقييم المخاطر التي تمنح الأولوية لاتخاذ إجراءات العناية الواجبة المعززة.
تعتمد أدوات استخبارات المصادر المفتوحة على المسح المستمر لوسائل الإعلام العالمية، وقواعد البيانات القانونية، والسجلات العامة، للكشف عن الأخبار السلبية المرتبطة بالعملاء، مثل اتهامات الفساد أو الاحتيال أو غيرها من الأنشطة غير المشروعة، مما يثري عمليات الفرز الرسمية ويعزز تقييمات المخاطر.
تحلل منصات مراقبة المعاملات المتقدمة مثل منصة فوكال، أنماط سلوك العملاء، وتحدد الأنشطة غير الاعتيادية أو المشبوهة، اعتمادًا على قواعد مبرمجة ونماذج تعلم آلي، وتتفاعل مع ملفات العملاء لتوفير سياق دقيق للتنبيهات وتقليل عدد التنبيهات الكاذبة.
تزداد أهمية التقنيات الناشئة كالذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي في تحسين دقة عمليات الفرز، إذ تتيح اكتشاف أنماط معقدة، والتكيف مع تطورات المخاطر، وتحسين ترتيب أولويات التنبيهات.
تعتمد المؤسسات المالية السعودية على مزيج متكامل من الفرز الآلي، وأدوات كشف الأشخاص ذوي المناصب السياسية، وتحليل الإعلام السلبي، وأنظمة مراقبة المعاملات المدعومة بالذكاء الاصطناعي لتلبية متطلبات الجهات التنظيمية، وتقليل مخاطر الجرائم المالية بفاعلية.
تواجه البنوك والمؤسسات المالية في المملكة، رغم أهمية عمليات إجراء التحقق من العملاء في مكافحة الجرائم المالية، تحديات عدة تعقّد سير العمل وتزيد من التكاليف.
تواجه المؤسسات المالية في السعودية تحديات عديدة تشمل تحديث اللوائح، وقضايا جودة البيانات، وتنبيهات فرز غير دقيقة، وصعوبات في الكشف عن الملاك المستفيدين، وتعقيدات تكامل الأنظمة، وتحديات الحفاظ على تجربة عملاء سلسة، بالإضافة إلى محدودية التعاون عبر الحدود، مما يستلزم اعتماد استراتيجيات متطورة لضمان فعالية وكفاءة عمليات الفرز.
تستلزم مواجهة تحديات إجراء التحقق من العملاء اعتماد نهج يستند إلى تقييم المخاطر، يوجّه الموارد والإجراءات المعززة نحو العملاء ذوي المخاطر العالية، مثل الأشخاص ذوي المناصب السياسية، والعملاء القادمين من ولايات قضائية مرتفعة المخاطر، والكيانات ذات الهياكل الملكية المعقدة.
يجب على المؤسسات المحافظة على بيانات العملاء بدقة ومواظبة تحديثها، عبر تطبيق إجراءات تحقق صارمة ومستمرة، واستخدام مصادر وأدوات رقمية موثوقة، للحد من الأخطاء والفجوات المعلوماتية.
تقدّم منصة فوكال لمكافحة الجرائم المالية حلاً فورياً ومتكاملاً لإجراء التحقق من العملاء، صُمّم خصيصاً لمساعدة المؤسسات المالية في المملكة العربية السعودية على الالتزام الصارم بمتطلبات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، كما يعزز الكفاءة التشغيلية ويقلّل المخاطر المالية.
تستند منصة فوكال إلى التوافق التنظيمي، حيث تقوم بمطابقة بيانات العملاء مع أكثر من 1300 قائمة مراقبة عالمية، تشمل قوائم العقوبات الصادرة عن الأمم المتحدة، ومكتب مراقبة الأصول الأجنبية في الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي، وغيرها، بالإضافة إلى قوائم الأشخاص ذوي المناصب السياسية الحساسة، إلى جانب الأقارب والشركاء المقربين منهم.
تجري منصة فوكال أثناء مرحلة تسجيل العملاء الجدد مراجعة ومطابقة بياناتهم تلقائياً مع هذه القوائم التي تُحدّث بشكل دوري ومستمر، وتصدر تنبيهات فورية عند وجود أي تطابق، مما يمكّن المؤسسات المالية من اتخاذ الإجراءات المناسبة فوراً، والحفاظ على الامتثال الكامل للوائح البنك المركزي السعودي، ولتوصيات فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية.