لقد قام معظمنا، إن لم يكن جميعنا، بفتح حساب مصرفي في مرحلة ما من حياتنا، ولكن هل تساءلت يومًا عن السبب الذي يدفع البنوك لطرح الكثير من الأسئلة عند فتح الحساب؟ يتعلق الأمر في جوهره بتقييم المخاطر التي تواجهها البنوك لضمان توافق جميع العمليات مع المعايير التنظيمية والقانونية، إذ تحتاج البنوك إلى معرفة دقيقة عن حياتك المالية، وهويتك الشخصية، ومعاملاتك التجارية، وعلاقاتك المهنية، وذلك بهدف الامتثال للتشريعات. تُعرف هذه العملية بـ "تقييم مخاطر العملاء"، حيث تعتمد بشكل كبير على تقنيات تحليل البيانات لتقييم وإدارة المخاطر المرتبطة بالعملاء.
تُستخدم تصنيفات مخاطر العملاء في البنوك والمؤسسات المالية الأخرى لتقدير مستوى مخاطر غسيل الأموال أو الأنشطة غير القانونية المحتملة التي قد يتورط فيها العميل. وتتطلب هذه العملية عدة مراحل، تبدأ بجمع البيانات وتحليلها والتحقق من صحتها. بناءً على ذلك، يتم منح كل عميل معدل مخاطرة يعكس مستوى الخطر الذي قد يمثله بالنسبة للمؤسسة.
اقرأ المزيد: أفضل 10 حلول لإجراءات اعرف عميلك لعام 2024
يعتمد تصنيف العملاء وفقًا لمستويات المخاطر على تقييم درجة التهديد الذي قد يُشكله العميل على المؤسسة، سواء من خلال احتمال تورطه في غسيل الأموال أو أنشطة أخرى غير قانونية. تُقسم مستويات المخاطر عادة إلى ثلاث فئات رئيسية: المخاطر المنخفضة، المتوسطة، والمرتفعة، ويعكس كل مستوى مقدار المراقبة والإشراف الذي يتطلبه العميل. بالإضافة إلى ذلك، يتمتع التصنيف الديناميكي بالقدرة على تعديل تقييم المخاطر في الوقت الفعلي، استنادًا إلى تغيرات سلوك العميل أو الظروف الخارجية.
1. مخاطر منخفضة: يتم تصنيف العملاء الذين يُعتبرون ذوي مخاطر منخفضة على أنهم لا يمثلون سوى تهديد بسيط للغاية فيما يتعلق بغسيل الأموال أو الأنشطة غير القانونية، إذ يتميز هؤلاء العملاء بالشفافية في معاملاتهم، والجدارة الائتمانية، والاستقرار المالي. لذا، لا تحتاج البنوك إلى تخصيص موارد كبيرة لمراقبة هؤلاء العملاء، حيث تكفيهم مراقبة دورية خفيفة.
2. مخاطر متوسطة: تُعتبر الفئة المتوسطة من العملاء أكثر عرضة للمخاطر بالمقارنة مع الفئة ذات المخاطر المنخفضة، إذ تتسم أنشطتهم المالية ببعض الانحرافات أو الخصائص العرضية التي قد تثير الشكوك. ورغم أن هؤلاء العملاء لا يمثلون تهديدًا كبيرًا، إلا أنهم قد يستدعون مراقبة معتدلة لتجنب المخاطر التي يمكن تجنبها، خاصة تلك التي قد تنشأ نتيجة لتحول غير متوقع في سلوكهم المالي.
3. مخاطر مرتفعة: تضم هذه الفئة العملاء الأشخاص والكيانات الذين يُعتبرون ذوي مخاطرة عالية، حيث يُرجح أن يكونوا مشاركين في أنشطة مثل غسيل الأموال، الاحتيال، أو أي أنشطة غير قانونية أخرى. قد تشمل هذه الفئة أشخاصًا لديهم تاريخ من المعاملات المشبوهة، أو شركات تعمل في قطاعات محفوفة بالمخاطر، أو أفرادًا سياسيين ذوي نفوذ. يحتاج هؤلاء العملاء إلى عناية فائقة، إذ يتطلب تصنيفهم إجراءات عناية واجبة معززة، بالإضافة إلى مراقبة دقيقة على نحو مستمر.
اقرأ المزيد: أفضل 10 حلول برمجية لإجراءات اعرف عميلك (KYC) في عام 2024
يُعد تقييم مخاطر العملاء عملية ضرورية لتقدير مدى التهديدات التي قد يُشكلها العملاء على المؤسسة. تبدأ هذه العملية بجمع البيانات الأساسية عن العملاء، مثل هويتهم الشخصية، معاملاتهم المالية، علاقاتهم التجارية، والموقع الجغرافي الذي يتعاملون منه.
ومن ثم، يتم تحليل هذه البيانات باستخدام خوارزميات متقدمة ونماذج تصنيف المخاطر لتحديد أي أنماط مشبوهة أو علامات تحذيرية. بناءً على هذا التحليل، يتم تصنيف العملاء إلى فئات المخاطر المختلفة (منخفضة، متوسطة، عالية).
بعد ذلك، تُتخذ التدابير المناسبة لتخفيف المخاطر وفقًا لتصنيف العميل. على سبيل المثال، العملاء ذوو المخاطر العالية يخضعون لمراقبة إضافية وعناية واجبة معززة. في النهاية، يجب أن تكون هناك مراقبة مستمرة لنشاط العميل، حيث قد يتغير مستوى المخاطر بمرور الوقت نتيجة لظروف معينة.
تهدف استراتيجيات إدارة مخاطر العملاء إلى تقليل المخاطر المحتملة المرتبطة بتفاعلات العملاء ومعاملاتهم المالية. يعتمد نظام مكافحة غسيل الأموال لتصنيف مخاطر العملاء على عدة عوامل تُسهم في فحص كل عميل بدقة، وذلك لتحديد مستوى المخاطر المتوقع. وفيما يلي بعض العوامل المشتركة التي تؤثر على تقييم مخاطر العملاء:
1. التحقق من الهوية: تعتمد دقة التقييم بشكل أساسي على صحة وكمال المعلومات التي يقدمها العميل، مثل اسمه، عنوانه، وتاريخ ميلاده، إضافةً إلى الوثائق التعريفية الرسمية، إذ يُعد التحقق من دقة هذه المستندات أمرًا بالغ الأهمية في تحديد مستوى المخاطر.
2. تاريخ المعاملات والاستقرار المالي: يُظهر سجل معاملات العميل سلوكه المالي المعتاد، ويساعد في تحديد الأنشطة غير النمطية، مثل ارتفاع عدد المعاملات أو تغييرات كبيرة في حجمها، مما قد يشير إلى وجود عمليات غسيل أموال أو أنشطة غير قانونية.
3. الموقع الجغرافي: يعتبر الموقع الجغرافي أحد أهم العوامل التي تؤثر على تقييم المخاطر، حيث يرتبط بعض المناطق أو البلدان بمعدلات أعلى من الأنشطة غير القانونية. على سبيل المثال، يُثير التعامل مع عملاء من دول تُعرف بارتفاع مخاطر غسيل الأموال المزيد من الشكوك.
4. علاقات العمل: يُساعد تقييم العلاقات التجارية التي تربط العميل بجهات أخرى، مثل شركائه أو موردين، في تقدير مستوى المخاطر المحتملة، إذ أن الروابط مع كيانات محفوفة بالمخاطر قد تزيد من مستوى المخاطر المرتبطة بالعميل.
5. الأشخاص السياسيين ممثلي المخاطر (PEPs): يُعتبر الأشخاص الذين يشغلون مناصب سياسية أو لديهم نفوذ كبير داخل الدولة ضمن فئة العملاء ذوي المخاطر العالية، إذ يمكن استغلال مناصبهم لأغراض غير قانونية مثل الفساد أو الاختلاس.
6. الصناعة أو القطاع: تُعتبر بعض الصناعات ذات مخاطر أعلى بطبيعتها، مثل قطاع العقارات أو المقامرة أو القطاعات التي تعتمد على النقد بكثرة. يزيد التعامل مع عملاء في هذه الصناعات من مستوى المخاطر المتعلقة بغسيل الأموال.
7. سلوك العميل: يجب مراقبة سلوك العميل باستمرار، حيث إن التغييرات في نمط المعاملات أو سلوكيات غير معتادة قد تشير إلى محاولات لإخفاء أنشطة غير قانونية.
8. تعزيز العناية الواجبة: تتطلب بعض الحالات إجراءات عناية واجبة معززة بناءً على عوامل الخطر المحددة، حيث تحتاج إلى متابعة دقيقة وإجراءات تحقيق أعمق للتأكد من سلامة المعاملات.
9. مخاطر السمعة: يتطلب تقييم مخاطر السمعة دراسة سمعة العميل، بما في ذلك سجله القانوني والتنظيمي، والتدقيق الإعلامي أو الإعلام السلبي، حيث قد تؤثر السمعة السيئة سلبًا على مصداقية المؤسسة المالية.
10. مصدر الثروة والأموال: يجب على المؤسسات المالية التأكد من مصادر أموال العميل للتأكد من أن ثروته ليست نتاجًا لأنشطة غير قانونية، حيث يُعد فهم مصدر الأموال أمرًا أساسيًا لتقييم مدى المخاطر المحتملة.
يلعب تصنيف مخاطر العملاء دورًا أساسيًا في الامتثال للتشريعات المتعلقة بمكافحة غسيل الأموال (AML) وإجراءات "اعرف عميلك" (KYC)، حيث يُعد هذا التصنيف أحد أركان النهج القائم على المخاطر الذي يهدف إلى تحديد مستوى المخاطر التي يشكلها العملاء وإدارتها بفاعلية. وفيما يلي بعض الأسباب التي تجعل تصنيف مخاطر العملاء أمرًا بالغ الأهمية:
1. الامتثال التنظيمي: تفرض اللوائح التنظيمية على المؤسسات المالية الالتزام بتقييم المخاطر التي يشكلها العملاء لضمان عدم تورطهم في جرائم مالية.
تعرف على قائمة التحقق من إجراءات اعرف عميلك: ٣ خطوات رئيسية للامتثال
2. تخفيف المخاطر: يساعد تصنيف العملاء في تحديد الكيانات ذات المخاطر العالية وإخضاعها لمزيد من التدقيق، مما يقلل من احتمالية تعرض المؤسسة لمخاطر مالية أو قانونية.
3. حماية السمعة: تساهم عملية تصنيف المخاطر في الحفاظ على سمعة المؤسسة من خلال تحديد ومعالجة المخاطر المحتملة قبل أن تؤثر على سمعتها.
4. الاستقرار المالي: يُعد تصنيف مخاطر العملاء جزءًا من الجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار المالي، حيث يحمي المؤسسات من التورط في أنشطة غير قانونية، وبالتالي تجنب العقوبات والغرامات التنظيمية.
5. تحسين عملية اتخاذ القرار: يوفر تصنيف العملاء معلومات دقيقة تُسهم في اتخاذ قرارات مدروسة بشأن تأهيل العملاء ومراقبة معاملاتهم واستراتيجيات تقليل المخاطر.
توفر منصة فوكال حلولاً متقدمة لتصنيف وتقييم مخاطر العملاء، إذ تقدم أدوات مرنة ومصممة خصيصًا للتعامل مع التحديات المختلفة التي تواجه المؤسسات المالية في عملية تقييم المخاطر، حيث تتضمن المنصة ميزات مبتكرة مثل:
اقرأ المزيد: ما هي وثيقة KYC؟ولماذا تُعد ضرورية؟
تعد إدارة مخاطر KYC من الأسس الهامة لضمان الامتثال في المؤسسات المالية، حيث يعتمد النجاح في تقليل هذه المخاطر على تبني منهجية متقدمة تركز على تقييم مخاطر KYC وتطبيق نموذج تصنيف مخاطر العملاء. يساعد هذا النموذج في تحديد العملاء منخفضي المخاطر والتعامل معهم بإجراءات أقل تعقيدًا، بينما يتم تخصيص تدابير إضافية للعملاء المصنفين في فئة KYC للعملاء ذوي المخاطر العالية.
إضافة إلى ذلك، تعتمد منهجية تصنيف مخاطر العملاء على معايير دقيقة تشمل تسجيل مخاطر العملاء والتحقق المستمر من هويتهم وسلوكهم. ومن خلال فهم مخاطر KYC والتعامل معها بفعالية، يمكن للمؤسسات المالية تعزيز الامتثال وتقليل التهديدات المحتملة.