تعني العناية الواجبة بالعملاء، بشكل عام، التحقق من هوية العميل، وفهم الغرض من العلاقة معه، وتقييم أنشطته المرتبطة بالأموال، وذلك لإدارة المخاطر المتعلقة بجرائم مثل غسل الأموال والاحتيال. وقد فرضت المملكة العربية السعودية الالتزام بإجراءات العناية الواجبة، وفقًا لما نص عليه نظام مكافحة غسل الأموال ولائحته التنفيذية، حيث يشرف البنك المركزي السعودي والهيئات الرقابية الأخرى على تنفيذها.
تُطبق المؤسسات المالية والجهات الخاضعة للتنظيم في المملكة العربية السعودية إجراءات العناية الواجبة بالعملاء من أجل التحقق من هوية العملاء، وفهم طبيعة أنشطتهم المالية، وتقييم المخاطر التي قد يمثلونها، حيث تُعد هذه الإجراءات أحد أركان مكافحة الجرائم المالية.
تُسهم العناية الواجبة في تمكين البنوك والمؤسسات المالية من التعامل مع عملاء يتمتعون بالشرعية القانونية، كما تساعد في الكشف المبكر عن الأنشطة المشبوهة، إذ يفرض البنك المركزي السعودي اعتماد هذه الممارسات ضمن الإطار التنظيمي لمكافحة غسل الأموال.
وقد أدى ذلك إلى التزام المؤسسات المالية بمعايير امتثال صارمة، مما يُعزز نزاهة النظام المالي في المملكة، ويساعد في مواءمته مع المعايير الدولية المعتمدة من قبل جهات مثل مجموعة العمل المالي (فاتف).
تُعد العناية الواجبة بالعملاء خطوة أساسية تعتمد عليها المؤسسات المالية السعودية للتحقق من هوية العملاء وإدارة المخاطر المالية المرتبطة بهم، حيث تُسهم هذه الإجراءات في الحد من غسل الأموال والجرائم المالية الأخرى، تحت إشراف مباشر من البنك المركزي السعودي.
يُستخدم مفهوما "العناية الواجبة بالعملاء" و"اعرف عميلك" في المملكة العربية السعودية بصورة متداخلة، إلا أن كلاً منهما يؤدي وظيفة مختلفة ومتكاملة.
يُشير مبدأ "اعرف عميلك" (KYC) إلى العملية الأولية التي يتم من خلالها التحقق من هوية العميل عند فتح الحساب أو بدء العلاقة التجارية، حيث يتطلب ذلك جمع معلومات أساسية مثل الاسم، والعنوان، والمستندات الرسمية (كالبطاقة الوطنية أو جواز السفر)، إضافة إلى تحديد مصدر دخل العميل في بعض الحالات.
أما العناية الواجبة بالعملاء (CDD)، فهي تتجاوز مرحلة "اعرف عميلك"، إذ تشمل تقييمًا مستمرًا للمخاطر المرتبطة بالعميل طوال فترة العلاقة، كما تتضمن مراقبة المعاملات، والتحقق من مصادر الأموال، وفهم غرض المعاملات، والتعرف على المالكين الحقيقيين للحسابات الخاصة بالكيانات القانونية.
وتُعد العناية الواجبة عملية مستمرة تتطور تبعًا لأي تغييرات في ملف العميل أو مستوى خطورته، لذا يُفرض على المؤسسات المالية الالتزام بكلا الإجراءين ضمن اللوائح التنظيمية الصادرة في المملكة، وذلك لضمان وجود نظام رقابي قوي يُكافح الجرائم المالية بكفاءة.
يُعد إجراء "اعرف عميلك" بمثابة الخطوة التمهيدية للتحقق من العملاء، بينما تمثل العناية الواجبة عملية أشمل ومستدامة لتقييم المخاطر المرتبطة بهم، حيث تضمن الامتثال الكامل لمتطلبات مكافحة غسل الأموال التي يشرف عليها البنك المرطزي السعودي.
تستند إجراءات العناية الواجبة الفعالة إلى مجموعة من الخطوات الجوهرية، حيث يفرض النظام الرقابي في المملكة إدماج هذه الخطوات ضمن برامج الامتثال الخاصة بالمؤسسات المالية منذ بداية العلاقة وحتى نهايتها.
يبدأ الإجراء بتأكيد الهوية الحقيقية للعميل باستخدام مستندات موثوقة ومستقلة، حيث يتوجب على المؤسسات المالية جمع المعلومات التالية والتحقق منها:
يجب تنفيذ هذه الإجراءات قبل بدء أي علاقة تجارية، وذلك وفقًا لما نص عليه نظام مكافحة غسل الأموال في المملكة العربية السعودية.
يتوجب على المؤسسات المالية جمع معلومات واضحة لفهم طبيعة العلاقة المقترحة مع العميل، مثل:
ينبغي للمؤسسات، بعد استكمال التحقق من الهوية، تصنيف العميل حسب درجة الخطورة (منخفضة، متوسطة، مرتفعة)، استنادًا إلى معايير مثل:
ويتطلب العملاء المصنفون ضمن الفئة عالية المخاطر إخضاعهم لإجراءات تحقق مُعززة أكثر دقة.
لا تتوقف إجراءات العناية الواجبة بمجرد فتح الحساب، إذ يتوجب على المؤسسات مراقبة نشاط العميل للتأكد من توافقه مع الملف التعريفي الخاص به، حيث تشمل هذه الرقابة:
يتوجب على المؤسسات الاحتفاظ بكافة سجلات العناية الواجبة، بما يشمل مستندات الهوية، وبيانات المعاملات، وتقييمات المخاطر، لمدة لا تقل عن عشر سنوات من تاريخ انتهاء العلاقة أو تنفيذ المعاملة.
كما يجب حفظ هذه السجلات بطريقة تضمن إمكانية الوصول إليها بسرعة عند طلبها من الجهات المختصة.
تتضمن إجراءات العناية الواجبة بالعملاء في المملكة العربية السعودية مراحل متكاملة، تشمل التحقق من الهوية، وفهم طبيعة العلاقة، وتقييم المخاطر، ومراقبة المعاملات بشكل مستمر، والاحتفاظ بالسجلات لفترة طويلة، حيث تُطبق هذه الإجراءات وفق أحكام القانون وتحت إشراف البنك المركزي السعودي.
لا يُعد جميع العملاء على قدرٍ واحدٍ من المخاطر، إذ يلزم البنك المركزي السعودي المؤسسات المالية باتباع إجراءات العناية الواجبة المعززة عند التعامل مع العملاء أو الحالات التي تنطوي على مخاطر مرتفعة تتعلق بغسل الأموال. وفيما يلي الأسلوب الذي ينبغي أن تتبعه المؤسسات في مثل هذه الحالات:
عندما يُصنَّف العميل على أنه عالي المخاطر خلال مرحلة فتح الحساب أو أثناء عمليات المراقبة المستمرة، يجب اتخاذ تدابير تحقق إضافية، تشمل ما يلي:
بالنسبة للعملاء من الكيانات التجارية أو المؤسسية، يتعيّن على المؤسسات المالية تحديد هوية المستفيدين الحقيقيين والتحقق منهم، وهم الأفراد الذين يملكون أو يسيطرون فعليًا على الكيان.
وتنص إرشادات البنك المركزي السعودي الخاصة بمكافحة غسل الأموال على ما يلي:
وفي حال تعذر التحقق من المستفيد الحقيقي، ينبغي للمؤسسة الامتناع عن إنشاء العلاقة التجارية، والنظر في تقديم بلاغ عن معاملة مشبوهة.
تُجيز اللوائح السعودية للمؤسسات المالية الاعتماد على أطراف خارجية للقيام ببعض خطوات العناية الواجبة، بشرط ما يلي:
يتطلّب التعامل مع العملاء ذوي المخاطر العالية أو العلاقات المعقدة تطبيق إجراءات عناية واجبة معززة، تتضمن فحوصات تحقق موسعة من الهوية، ومصدر الأموال، ومراقبة دقيقة، وجميعها شروط يفرضها نظام مكافحة غسل الأموال السعودي، ولا يجوز تعهيدها دون وجود ضوابط صارمة.
يشجّع البنك المركزي السعودي الاستخدام المسؤول لأدوات التقنية المالية (Fintech) والتقنية التنظيمية (Regtech) الداعمة للامتثال لمتطلبات مكافحة غسل الأموال، بشرط التزامها بالضوابط التنظيمية ومعايير حماية البيانات.
تبدأ العناية الواجبة الحديثة باستخدام أدوات رقمية للتحقق من الهوية، وتقوم بما يلي:
تستخدم المؤسسات المالية أنظمة مراقبة مدعومة بالذكاء الاصطناعي لمتابعة سلوك المعاملات بشكل فوري، حيث تقوم بـ:
تمكّن التقنية المؤسسات المالية من فحص العملاء على الفور مقابل:
تُساعد منصات الامتثال الشاملة المؤسسات المالية في:
تستثمر المؤسسات المالية السعودية في حلول تقنية متقدمة مثل الذكاء الاصطناعي، والتحقق الرقمي من الهوية، والمراقبة اللحظية للمعاملات، بهدف تعزيز كفاءة العناية الواجبة ودقتها، مع تأكيد البنك المركزي السعودي على أهمية الامتثال الآمن والمنظم لهذه الحلول.
يتوقع البنك المركزي السعودي من جميع الكيانات الخاضعة للتنظيم المالي أن ترسّخ ثقافة امتثال قوية، من خلال اتباع الخطوات التالية:
تُعد منصة فوكال منصة متخصصة صُممت خصيصًا لدعم المؤسسات المالية في تنفيذ إجراءات العناية الواجبة بالعملاء بشكل أكثر كفاءة، حيث تقوم المنصة تلقائيًا بالتحقق من بيانات العملاء عبر قواعد بيانات العقوبات الحية، وقوائم المراقبة، وقوائم الأشخاص ذوي المناصب السياسية الرفيعة، مما يمكّن الفرق المعنية من الحصول على تنبيهات فورية عند رصد أية مخاطر محتملة.
تُتيح المنصة أيضًا تصميم رحلة فتح الحساب بما يتلاءم مع نوع العميل ومستوى المخاطر المرتبطة به، إذ تتكامل بسلاسة مع مزودي البيانات الموثوقين مثل "يقين"، و"وثق"، و"داو جونز"، مما يضمن دقة وموثوقية إجراءات التحقق من الهوية.
تلتزم المؤسسات المالية بالتأكد من هوية العميل باستخدام مستندات رسمية، وفهم دوافعه لفتح الحساب، وتحديد مصدر أمواله، بالإضافة إلى متابعة معاملاته المالية، حيث يجب تنفيذ هذه الإجراءات بما يتماشى مع نظام مكافحة غسل الأموال في المملكة، والتوجيهات الصادرة عن البنك المركزي السعودي.
كلا، إذ تُعنى متطلبات "اعرف عميلك" بالتحقق من هوية العميل فقط، بينما تتوسع إجراءات العناية الواجبة لتشمل تقييم درجة المخاطر المرتبطة بالعميل، ومتابعة نشاطه بمرور الوقت، وتطبيق فحوصات إضافية عند الحاجة.
تتمثل الخطوات الجوهرية في التحقق من هوية العميل، وفهم طبيعة العلاقة أو النشاط التجاري، وتقييم مستوى المخاطر، إلى جانب مراقبة المعاملات بصفة مستمرة لرصد أية أنشطة مشبوهة.
نعم، حيث يُسمح بالاعتماد على أطراف خارجية في تنفيذ بعض مهام العناية الواجبة، شريطة أن تكون تلك الأطراف خاضعة للتنظيم والإشراف بموجب أنظمة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، على أن تحتفظ المؤسسة المالية بالمسؤولية الكاملة عن الامتثال، مع ضمان إمكانية الوصول الفوري إلى سجلات العملاء عند الحاجة.