يُعد فحص العقوبات في المملكة العربية السعودية ركيزة أساسية في منظومة الامتثال المالي، حيث يهدف إلى حماية النظام المالي الوطني من التهديدات العالمية، مثل غسل الأموال وانتشار أسلحة الدمار الشامل.
ألزم البنك المركزي السعودي (ساما) المؤسسات المالية بإجراء فحوصات يومية مستمرة لجميع بيانات العملاء والمعاملات، وذلك بمقارنتها مع قوائم العقوبات الصادرة عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وتضمن هذه العملية تجميد أي أصول مرتبطة بأفراد أو كيانات مدرجة في قوائم العقوبات على الفور، والإبلاغ عنها، مما يمنع تقديم أي خدمات مالية لهم.
يشكل فحص العقوبات في المملكة آلية امتثال حيوية تضمن التزام المؤسسات المالية بالمعايير القانونية والأخلاقية، حيث يهدف إلى منع الأنشطة المالية غير المشروعة. يتضمن هذا الإجراء التحقق المنهجي من هوية العملاء والمستفيدين الحقيقيين، بمقارنتهم مع قوائم العقوبات المحلية والدولية، بما في ذلك تلك الصادرة عن مجلس الأمن والبنك المركزي السعودي.
يجب على المؤسسات إجراء فحوصات يومية لتحديد وتجميد الأصول المرتبطة بالأطراف الخاضعة للعقوبات، وتقديم التقارير ذات الصلة إلى ساما خلال عشرة أيام عمل.
وفقًا لدليل مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب الصادر عن البنك المركزي السعودي:
"ينبغي على المؤسسة المالية أن تضع إجراءات فعالة للتحقق من جميع أسماء العملاء والمستفيدين الحقيقيين، بما في ذلك جميع المديرين والتنفيذيين والمالكين والأشخاص الممثلين للعملاء، ومقارنتها بالأسماء المدرجة في قوائم العقوبات الصادرة عن الجهات المحلية والأمم المتحدة، وذلك قبل أو أثناء إقامة العلاقة التجارية أو تنفيذ المعاملات."
تعمل فحوصات العقوبات على منع المؤسسات المالية من المشاركة، بشكل مباشر أو غير مباشر، في معاملات مع الأفراد أو الكيانات أو البلدان التي تخضع للعقوبات. تعتبر هذه الفحوصات ضرورية لـ:
اقرأ أيضا: غسل الأموال القائم على التجارة: استراتيجيات المكافحة
تتسم منظومة العقوبات في المملكة بمرونتها وتكاملها، حيث تجمع بين الالتزامات الدولية، والاستراتيجيات الأمنية الإقليمية، والسياسات الوطنية:
يُعد فهم الهدف من كل نوع من أنواع العقوبات أمرًا بالغ الأهمية للمؤسسات المالية للحفاظ على كفاءتها التشغيلية وسمعتها:
1. عقوبات الأمم المتحدة: تنفذ المملكة هذه العقوبات التزامًا بقرارات مجلس الأمن، مع تكامل محلي في تطبيقها.
2. العقوبات الوطنية: تمثل موقف المملكة السيادي تجاه التهديدات للأمن الوطني، حيث تفرض عقوبات مستقلة على الأفراد والكيانات التي تمثل خطرًا داخليًا أو إقليميًا
3. عقوبات جامعة الدول العربية: تعكس موقفًا سياسيًا موحدًا تجاه أزمات المنطقة، وتعزز من استقرار العالم العربي.
4. العقوبات الدبلوماسية: تلجأ المملكة أحيانًا إلى فرض عقوبات تهدف إلى العزل الاستراتيجي لبعض الدول أو الكيانات، حيث تشمل هذه العقوبات تقييد العلاقات الدبلوماسية، أو التجارية، أو حظر السفر، وذلك بهدف توجيه رسائل سياسية واضحة دون اللجوء إلى التصعيد العسكري.
5. العقوبات على القطاعات الناشئة: مع تسارع وتيرة التحول الرقمي وتوسع المملكة في تبني مجالات مثل التكنولوجيا المالية، والمصرفية الرقمية، وتقنية البلوكشين، باتت العقوبات تشمل هذه القطاعات أيضًا، حيث أصبحت المؤسسات المالية ملزمة بإجراء الفحص بنفس مستوى الدقة المعمول به في المعاملات التقليدية.
اقرأ أيضا: الوقاية من الاحتيال في دولة الإمارات: دليل شام
يُعد فحص العقوبات أحد المكونات الأساسية ضمن منظومة الاستخبارات المالية في المملكة، إذ لا يقتصر على كونه أداة تنظيمية، بل يمثل نظامًا ديناميكيًا للكشف عن التهديدات في الوقت الفعلي.
تُعد أنظمة فحص العقوبات أدوات استباقية تسهم في بقاء المؤسسات المالية ضمن حدود الامتثال، حيث تمتاز بالخصائص التالية:
اقرأ المزيد: مراقبة المعاملات في الإمارات: اللوائح وأفضل الممارسات
تُواجه المؤسسات المالية في المملكة العربية السعودية تحديات متزايدة بسبب تعقيد متطلبات الامتثال التي يجب الوفاء بها، مما يجعل عملية فحص العقوبات أمرًا بالغ الأهمية، ولكنه يشكل في الوقت نفسه تحديًا كبيرًا.
1. اختلافات الأسماء بالعربية: يعد تعدد الأساليب والاختلافات في تهجئة الأسماء العربية من أبرز التحديات التي تواجه أنظمة فحص العقوبات، حيث تؤدي هذه التباينات، التي تنشأ بسبب اختلافات في الترجمة أو في العادات المحلية لتسمية الأشخاص، إلى حدوث تطابقات غير دقيقة، مما يترتب عليه تفويت فرص الكشف عن المخاطر.
2. الإنذارات الكاذبة: ينتج عن الفلاتر غير المهيأة بشكل صحيح في أنظمة الفحص الكثير من الإنذارات الكاذبة، وهو ما يثقل كاهل فرق الامتثال، إذ يجبرها على إجراء تحقيقات غير ضرورية قد تؤدي إلى تأخيرات، مما يؤثر سلبًا على كفاءة المؤسسة ورضا العملاء.
3. جودة البيانات: تعد البيانات غير الكاملة أو القديمة أو غير المتسقة من المعوقات التي تعرقل سير عملية الفحص، فقد يتسبب غياب أو عدم دقة بعض التفاصيل مثل تواريخ الميلاد، أو العناوين، أو أرقام الهوية في صعوبة مطابقة العملاء مع قوائم العقوبات بشكل دقيق.
4. تعارض السلطات القضائية: تواجه المؤسسات المالية متعددة الجنسيات في المملكة العربية السعودية تحديًا في التعامل مع الأنظمة المختلفة للعقوبات عبر الولايات القضائية. فالقواعد المتباينة بين الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والمملكة العربية السعودية تستلزم التنسيق الدقيق لضمان الامتثال التام في جميع المناطق.
5. تطور تقنيات الجريمة المالية: يشكل التطور المستمر في أساليب الجريمة المالية تحديًا كبيرًا لأنظمة الفحص في مواكبتها لهذه التغيرات، إذ يلجأ المجرمون إلى تقنيات أكثر تعقيدًا للتهرب من العقوبات، مما يقتضي التحديث المستمر للتقنيات والعمليات المتبعة في الفحص.
6. إدارة التوازن بين رؤية 2030 والامتثال للعقوبات: مع سعي المملكة العربية السعودية لتكون قوة اقتصادية عالمية في إطار رؤية 2030، تزداد فرص تدفق الاستثمارات الدولية والتعاون عبر الحدود، مما يزيد من خطر تعرضها للكيانات الخاضعة للعقوبات.
تساهم هذه الممارسات في تقليل المخاطر وتجنب العقوبات المالية:
1. تطوير نهج قائم على تقييم المخاطر: يجب تخصيص عملية فحص العقوبات بناءً على ملف المخاطر الخاص بكل حالة، من خلال تقييم عوامل مثل الموقع الجغرافي، وخصائص العملاء، وأنواع المعاملات، وذلك من أجل تحسين تخصيص الموارد.
2. معايرة فحص المخاطر: يجب تعديل حدود الفحص لتتناسب مع مستوى المخاطر التي تواجهها المؤسسة، مما يساهم في تحسين نتائج الفحص.
3. استخدام قواعد بيانات موثوقة وحديثة: يجب أتمتة دمج قوائم العقوبات الأحدث من مصادر موثوقة لضمان فحص دقيق وفي الوقت المناسب.
4. تنفيذ أنظمة فحص الأسماء المتقدمة: يجب استخدام تقنيات متطورة لمطابقة الأسماء لضمان التعرف بدقة على الأفراد أو الكيانات الخاضعة للعقوبات، مع مراعاة التعامل مع التباينات التي قد تظهر في الأسماء.
5. تدريب الموظفين: يجب توفير تدريبات دورية لفرق الامتثال حول الإشارات التحذيرية، والأداء الفعّال للأنظمة، وقوانين العقوبات المعمول بها.
6. اختبار مستقل: من الضروري إجراء تدقيقات سنوية واختبارات لأنظمة فحص العقوبات من أجل الكشف عن أي ثغرات وضمان التشغيل السليم.
7. المراقبة المستمرة والمراجعات الدورية: يجب مراقبة المعاملات بشكل مستمر وتحديث أنظمة الفحص لمواكبة التغييرات في العقوبات.
8. بروتوكولات التصعيد: ينبغي وضع إجراءات تصعيد واضحة لمعالجة أي انتهاك محتمل للعقوبات يتم اكتشافه خلال عملية الفحص.
9. الاستفادة من التكنولوجيا والأتمتة: يجب تبني أدوات الفحص الآلي لزيادة الكفاءة، وتقليل الأخطاء البشرية، وتسريع معالجة المعاملات.
10. التعاون مع الهيئات التنظيمية: ينبغي التواصل المنتظم مع الهيئات التنظيمية المحلية والدولية للبقاء على اطلاع دائم بما يطرأ من تغييرات على متطلبات الامتثال للعقوبات.
تعمل منصة فوكال على تبسيط عملية فحص العقوبات للمؤسسات المالية في المملكة العربية السعودية. فهي تقدم مجموعة من الحلول التي تشمل فحص العملاء ومراقبة المعاملات، حيث يقوم النظام بفحص العملاء والمعاملات ضد قوائم العقوبات المحدثة، مما يضمن اكتشاف المخاطر بشكل أسرع وأكثر دقة.
تزوّد فوكال المؤسسات المالية في المملكة بأدوات امتثال قوية وملائمة محليًا، مصممة للدقة والسرعة. وهي تدعم التوافق الكامل مع اللغة العربية، مما يضمن دقة في مطابقة الأسماء والفحص. مع الوصول إلى أكثر من 1,300 قائمة مراقبة عالمية وإقليمية، بما في ذلك قوائم العقوبات، والشخصيات السياسية البارزة، والأشخاص أو الكيانات المشتبه بها، توفر فوكال تنبيهات لحظية ومراقبة مستمرة للبقاء على اطلاع دائم بتغييرات الأنظمة.
وتتميز أيضًا بدمجها المباشر مع خدمات التحقق الحكومية في السعودية لضمان التحقق الرسمي والآمن للهويات، كما تتيح استخدام قوائم مراقبة مخصصة لضبط المخاطر وفقًا لاحتياجات المؤسسة.
إن إغفال فحص العقوبات في المملكة العربية السعودية يشكل مخاطرة باهظة الثمن، حيث تنص المادة 26 من قانون مكافحة غسل الأموال بوضوح على: "كل من يرتكب جريمة غسل الأموال المنصوص عليها في المادة 2 من هذا القانون يعاقب بالسجن لمدة تصل إلى عشر سنوات."
ومع تصاعد التدقيق التنظيمي، أصبح الاعتماد على الأساليب القديمة أو اليدوية غير مستدام. لذا، يجب على المؤسسات المالية تحديث نهجها من خلال دمج منصات تعتمد على الذكاء الاصطناعي مثل فوكال، التي تقدم فحصًا آليًا في الوقت الفعلي عبر أكثر من 1,300 قائمة مراقبة عالمية.
يتضمن فحص الأسماء التحقق من الأفراد أو الكيانات عبر قوائم متعددة مثل قوائم الشخصيات السياسية البارزة، أو وسائل الإعلام السلبية، بينما يركز فحص العقوبات بشكل خاص على مطابقة الأسماء مع قوائم العقوبات الرسمية.
يجب على المؤسسات المالية التحقق من هوية العميل وفهم طبيعة العلاقة التجارية، وإجراء الفحص المستمر، كما يقتضي الأمر وفقًا للأنظمة الصادرة عن البنك المركزي السعودي والموافقة مع قوانين مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
يجب تحديث قوائم العقوبات في الوقت الفعلي أو على الأقل يوميًا من خلال المصادر الآلية لضمان الامتثال الدقيق والفوري.