أصبحت عملية المصادقة البيومترية أحد أكثر الوسائل موثوقية وفعالية لتأكيد الهوية في العصر الرقمي. وعلى عكس الأساليب التقليدية مثل كلمات المرور أو الأرقام السرية، تعتمد الأنظمة البيومترية على سمات بيولوجية أو سلوكية فريدة، مثل بصمات الأصابع، وملامح الوجه، ونبرة الصوت، للتحقق من هوية الأفراد. لا تقتصر هذه الطريقة على تعزيز الأمان فحسب، بل تجعل من الصعب على الأشخاص غير المصرح لهم الوصول إلى المعلومات الحساسة.
بالنسبة للمؤسسات المالية، يُعتبر تأمين المعاملات وحماية بيانات العملاء أولوية قصوى. ومع تزايد الجرائم الإلكترونية وتشديد اللوائح التنظيمية، يصبح التحقق البيومتري وسيلة موثوقة للغاية للحد من الاحتيال وضمان الامتثال للمتطلبات مثل مكافحة غسل الأموال (AML) ومعرفة العميل (KYC).
تعرف عملية المصادقة البيومترية على أنها عملية تحقق يُستعان فيها بالسمات البيولوجية الفريدة لكل فرد لتأكيد هويته، مثل بصمات الأصابع، وملامح الوجه، أو الصوت. وتُعد هذه السمات فريدة لكل شخص، ما يجعل من الصعب تقليدها أو سرقتها. من خلال الاعتماد على هذه الخصائص، توفر الأنظمة البيومترية وسيلة أكثر أمانًا وموثوقية لتوثيق الهوية مقارنة بالطرق التقليدية مثل كلمات المرور أو الأرقام السرية.
فعلى سبيل المثال، يُشترط على جميع المؤسسات المالية في المملكة العربية السعودية استخدام التحقق البيومتري عبر تطبيق "نفاذ" للتحقق من هوية الأفراد عند بدء العلاقة مع العملاء عن بُعد، على أن يتم ذلك باستخدام مستوى تحقق عالٍ أو أعلى.
كما يفرض مصرف الإمارات المركزي على المؤسسات المالية تطبيق تدابير أمنية مشددة، خاصة عندما يتم استخدام التحقق البيومتري أو المصادقة متعددة العوامل (MFA)، وذلك لحماية هويات العملاء وبياناتهم طيلة دورة حياة الهوية.
يعتمد التحقق البيومتري على تحليل سمات بيولوجية محددة تكون فريدة لكل فرد. فعلى سبيل المثال، تتميز بصمات الأصابع بأنماط دقيقة من التلال والوديان التي تختلف من شخص لآخر. كذلك، يمكن استخدام الأنماط الفريدة في قزحية العين (الجزء الملون من العين) أو شكل الوجه كمعرفات فريدة. ومن بين الأمثلة الأخرى للتوثيق البيومتري، نجد التعرف على الصوت، حيث يُحلل الصوت بناءً على الخصائص الفريدة مثل النغمة والتردد.
وقد تم اختيار هذه السمات بعناية لأنها من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، تقليدها أو سرقتها. فبخلاف كلمات المرور التي يمكن تخمينها أو سرقتها، توفر البيانات البيومترية أمانًا أعلى بكثير. ولهذا، يتم استخدام التحقق البيومتري بشكل متزايد في بيئات عالية الأمان، مثل البنوك والمؤسسات المالية، وتطبيقات الخدمات المصرفية عبر الهواتف الذكية.
لقد أدّت الأنظمة الأمنية التقليدية مثل كلمات المرور، والأرقام السرية، وأسئلة الأمان دورها لسنوات طويلة، لكنها تعاني من نقاط ضعف جوهرية. فبإمكان كلمات المرور أن تُخمن أو تُسرق أو تُنسى، في حين يمكن اعتراض الأرقام السرية بسهولة. لذا، بدأت المؤسسات المالية في الانتقال بشكل متزايد إلى التحقق البيومتري من المستخدمين، وذلك لتحسين الأمان.
توفر الأنظمة البيومترية مستوى أعلى من الحماية من خلال التحقق من هوية الفرد استنادًا إلى شيء يمتلكه جسديًا (مثل بصمات الأصابع أو ملامح الوجه)، بدلاً من شيء يعرفه (مثل كلمة المرور). كما تدمج العديد من المؤسسات المالية بين الأساليب التقليدية والبيومترية في عملية يُطلق عليها المصادقة متعددة العوامل (MFA).
توجد العديد من أمثلة أساليب المصادقة البيومترية التي تستخدمها المؤسسات المالية بشكل شائع. ومن أبرز طرق المصادقة البيومترية:
تشمل أساليب المصادقة البيومترية مجموعة متنوعة من الطرق التي تعتمد على السمات البيولوجية أو السلوكية المميزة لتوثيق الهوية. ويتميز كل منها بفوائد خاصة وتطبيقات متعددة في أنظمة الأمان.
1. التعرف على بصمات الأصابع: يُعد هذا الأسلوب من أكثر الطرق استخدامًا، حيث يعتمد على التقاط الأنماط الفريدة لبصمات الأصابع للتحقق من الهوية.
2. التعرف على ملامح الوجه: يتم استخدام هذا الأسلوب لقياس الهيكل الفريد للوجه، مثل المسافة بين العينين أو شكل الفك، وغالبًا ما يتم تطبيقه من خلال الأجهزة المحمولة أو الكاميرات.
3. التعرف على قزحية العين: تعتمد تقنية المصادقة البيومترية هذه على تحليل الأنماط الدقيقة والملونة في قزحية العين، وتتميز بدقة عالية في بيئات محكمة.
4. مسح شبكية العين: يتم استخدام مسح شبكية العين لرسم خريطة للأوعية الدموية في الجزء الخلفي من العين باستخدام شعاع ضوء، ويُستخدم غالبًا في الأماكن التي تتطلب أمانًا عاليًا.
5. التعرف على الصوت: يعتمد التحقق الصوتي على الخصائص الفريدة للصوت التي تنشأ من البناء التشريحي للفرد، على الرغم من أنه قد يتأثر بالضوضاء البيئية أو المرض.
6. التعرف على بصمة الكف: تفحص هذه الطريقة الخطوط والخصائص الفريدة في كف اليد، وتوفر وسيلة تحقق قائمة على التلامس وتتميز بمساحة سطحية أكبر مقارنة ببصمات الأصابع.
7. التعرف على هندسة اليد: تُقيم هذه الطريقة شكل اليد وحجمها والعلاقة بين الأصابع، وتُستخدم عادة في أنظمة التحكم في الوصول المادي (ويُقصد بها الأنظمة والإجراءات التي تُستخدم لتنظيم وتقييد الدخول إلى الأماكن أو المنشآت المادية، مثل المباني، الغرف الآمنة، أو المناطق المحظورة).
8. التعرف على التوقيع: لا يقتصر التحقق من التوقيع على تحليل الشكل البصري للتوقيع فقط، بل يتضمن أيضًا السمات السلوكية مثل ترتيب الحركات والضغط.
9. التعرف على الأوردة: يعمل التعرف على الأوردة على رسم الأنماط الفريدة للأوعية الدموية تحت الجلد باستخدام الأشعة تحت الحمراء، ويُعد من أكثر الأساليب أمانًا وصعوبة في التزوير.
10. التعرف على الحمض النووي (DNA): يتم التحقق باستخدام الحمض النووي من خلال مقارنة البصمة الجينية للفرد، وتُعد هذه الطريقة الأكثر دقة ولكنها تتطلب أدوات متخصصة لجمع العينات ومعالجتها.
11. التعرف على طريقة المشي (Gait): يعتمد هذا الأسلوب على تحليل نمط المشي، الذي يشمل حركة الجسم ووضعية السير، ويُعتبر وسيلة تحقق غير تلامسية.
فيما يلي جدول شامل يُبيّن الفروقات الجوهرية بين المصادقة البيومترية ووسائل المصادقة التقليدية، مثل الأرقام السرية وكلمات المرور:
تُبنى آلية المصادقة القائمة على المصادقة البيومترية على استخدام سمات جسدية أو سلوكية فريدة للتحقق من هوية الفرد.
ينبغي تقييم هذه الجوانب بعناية خاصة في البيئات عالية الحساسية، مثل المؤسسات المالية، التي تتطلب التزامًا صارمًا بالقوانين وحماية دقيقة للبيانات.
اقرأ أيضا: الاحتيال في بطاقات الائتمان الافتراضية: مخاطره وكيفية منعه
تُعتمد المصادقة البيومترية بشكل متزايد في مختلف القطاعات، نظرًا لقدرتها على توفير وسيلة تحقق من الهوية تتسم بالأمان والكفاءة والسهولة، حيث تسهم في تعزيز الحماية وتحسين تجربة المستخدم من خلال العديد من التطبيقات العملية.
تُوفّر المصادقة البيومترية وسيلة للتحقق من الهوية تعتمد على السمات الحيوية الفريدة، مما يجعلها بديلاً أكثر أمانًا وسهولة مقارنة بكلمات المرور التقليدية. وقد باتت هذه التقنية منتشرة على نطاق واسع في قطاعات مثل البنوك والرعاية الصحية والأجهزة المحمولة، حيث تُسهم في تعزيز الأمان وتسهيل الوصول. ورغم بعض التحديات مثل المخاوف المرتبطة بالخصوصية، فإن الابتكارات المتواصلة تُعزز من موثوقيتها وأمانها. ومع استمرار تطور التكنولوجيا، ستُصبح المصادقة البيومترية أكثر حضورًا في حماية الهويات الرقمية.
تُعد المصادقة البيومترية وسيلة آمنة بدرجة كبيرة، إلا أنها ليست محصّنة بالكامل ضد محاولات الاختراق. فقد تُستخدم بعض الأساليب المتقدمة، مثل التزييف، لاجتياز أنظمتها، لكنّ احتمالات ذلك تبقى أقل بكثير مقارنة بالوسائل التقليدية ككلمات المرور.
تشير المصادقة البيومترية متعددة الوسائط إلى استخدام أكثر من سمة بيومترية (مثل بصمات الأصابع، أو التعرف على الوجه، أو الصوت) للتحقق من الهوية، مما يُوفّر مستوى أعلى من الدقة والأمان.
تُساعد المصادقة البيومترية المؤسسات المالية على الامتثال للوائح "مكافحة غسل الأموال" و"اعرف عميلك" من خلال التحقق الدقيق من هويات العملاء، ومنع الاحتيال، وضمان تتبع الهوية بدقة أثناء عمليات التسجيل والمعاملات.