نظرًا لكون مملكة البحرين إحدى أكثر المراكز المالية تطورًا في منطقة الخليج، فقد منحها هذا الموقع المتقدم مكانة استراتيجية ووفّر لها فرصًا واسعة، إلا أنّه في المقابل أسفر عن مخاطر حقيقية، خاصة في ما يتعلّق بجرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب. لذلك، وضعت البحرين إطارًا شاملًا لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، يتماشى مع المعايير الدولية مثل معايير مجموعة العمل المالي (FATF).
اعتمدت البحرين قانون مكافحة غسل الأموال بموجب المرسوم بقانون رقم (4) لسنة 2001، حيث يُعد هذا القانون الركيزة الأساسية لنظامها في مكافحة غسل الأموال، إذ يُجرّم صراحةً هذا النوع من الجرائم، ويُشكّل الأساس القانوني الذي تستند إليه الجهود الوطنية في هذا المجال. كما تولّى مصرف البحرين المركزي ومديرية الاستخبارات المالية تنفيذ هذا القانون ومتابعة تطبيقه، حيث يُشكّلان الجهتين الرئيسيتين في منظومة الامتثال البحرينية.
وطبّقت المؤسسات المالية في البحرين، بما في ذلك البنوك، ومزودو خدمات الأموال، وشركات التأمين، وشركات التكنولوجيا المالية، إجراءات صارمة تشمل ما يلي:
اعتمدت البحرين إطارًا قانونيًا متينًا يستهدف مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، حيث يهدف إلى حماية النظام المالي من هذه الجرائم، إذ تُشرف عدة جهات رسمية على تطبيق هذا الإطار، وفق تنظيم محكم، ومن أبرز مكوناته ما يلي:
جرّم القانون أنشطة غسل الأموال كافة، كما أنشأ اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال، حيث تُشرف هذه اللجنة على تنسيق الجهود بين مختلف الهيئات الحكومية. وقد نص القانون على تعريف الجرائم، وتحديد العقوبات، وتوضيح مسؤوليات الجهات الملزمة بالإبلاغ، كما خضع القانون لتعديلات متكررة كي يتماشى مع المعايير العالمية المتطورة.
أشرف مصرف البحرين المركزي على مراقبة امتثال جميع المؤسسات المالية المرخصة في المملكة، حيث تضمن المجلد السادس من دليله التنظيمي أحكامًا دقيقة تتعلق بالعناية الواجبة بالعملاء، وحفظ السجلات، والتبليغ عن المعاملات المشبوهة، والرقابة الداخلية. كما فرض هذا الدليل تدريبًا دوريًا إلزاميًا على الموظفين، وخصوصًا العاملين في أقسام الامتثال.
أُنيط بهذه المديرية دور الوحدة الاستخباراتية المالية في المملكة، حيث تتلقى تقارير المعاملات المشبوهة، وتُحللها، وتُنسّق مع أجهزة إنفاذ القانون عند الاشتباه بوجود نشاط غير مشروع، إذ تمثل هذه الوحدة محورًا أساسيًا في كشف ومنع عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
نسّقت هذه الوزارة جهود الأجهزة الحكومية المختلفة لتطبيق الاستراتيجية الوطنية لمكافحة غسل الأموال، كما تولّت إجراء تقييمات المخاطر الوطنية، والمشاركة في الجهود الدولية، لتعزيز تعاون البحرين مع المجتمع المالي العالمي.
انضمت البحرين إلى مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENAFATF)، وهي الهيئة الإقليمية التي تُحاكي مجموعة العمل المالي الدولية. كما خضعت البحرين لتقييمات متبادلة بصفة دورية، حيث هدفت هذه التقييمات إلى ضمان اتساق إطارها التنظيمي مع المعايير العالمية، مما ساعد على ترسيخ سمعتها كمركز مالي موثوق.
طبّقت المؤسسات المالية والقطاعات غير المالية المحددة في البحرين عددًا من المكونات الأساسية ضمن برنامج الامتثال، حيث نصّ دليل مصرف البحرين المركزي واللوائح التنظيمية ذات الصلة على ما يلي:
توجب على المؤسسات التحقق من هوية العملاء قبل إقامة العلاقة التجارية، وذلك من خلال جمع الوثائق الرسمية، والتحقق من مصادر الأموال، ومراقبة المعاملات بصورة مستمرة لاكتشاف أي أنشطة مشبوهة. كما فرضت الأنظمة تدقيقًا معززًا في حالة العملاء ذوي الخطورة العالية، مثل الأشخاص السياسيين (PEPs) أو المتعاملين من دول ذات مخاطر مرتفعة.
قيّمت المؤسسات المخاطر التي قد تُهدد أنشطتها، سواء من حيث غسل الأموال أو تمويل الإرهاب، ثم خصّصت الموارد واتخذت الإجراءات المناسبة بحسب درجة الخطر، حيث يضمن هذا النهج تركيز الجهود في المجالات التي تتطلب ذلك.
ألزمت اللوائح المؤسسات بحفظ سجلات مفصلة لهويات العملاء والمعاملات المالية لمدة لا تقل عن خمس سنوات، كما فرضت تقديم تقارير فورية إلى مديرية الاستخبارات المالية عند الاشتباه بأي نشاط مشبوه، إذ يُعتبر الإخفاق في التبليغ مخالفة قانونية تُعرّض المؤسسة للمساءلة.
طُلب من المؤسسات إنشاء سياسات وإجراءات داخلية فعّالة لمكافحة غسل الأموال، حيث يشمل ذلك تعيين مسؤولي امتثال متخصصين، وتقديم تدريب دوري للموظفين، وإجراء مراجعات داخلية، بالإضافة إلى تطبيق أنظمة مراقبة آلية ترصد العمليات غير الاعتيادية.
التزمت المؤسسات بتنفيذ برامج تدريب مستمرة وشاملة، خصوصًا للموظفين في الخطوط الأمامية وأقسام الامتثال، حيث يُسهم هذا التدريب في تعزيز وعي الموظفين بالإشارات التحذيرية، وفهمهم لواجباتهم القانونية.
عزّز كل من مصرف البحرين المركزي ومديرية الاستخبارات المالية التعاون مع الجهات الوطنية والدولية، حيث ساهم هذا التنسيق في تحسين قدرة البحرين على كشف الجرائم المالية ومكافحتها بفعالية أكبر.
يستلزم تنفيذ الامتثال لمكافحة غسل الأموال في البحرين اتخاذ تدابير عملية قابلة للتطبيق من قِبل المؤسسات المالية والجهات الخاضعة للتنظيم. وفيما يلي أبرز الخطوات التي تضمن التوافق مع الأنظمة البحرينية لمكافحة غسل الأموال:
تُطبّق البحرين نظامًا صارمًا من العقوبات ضد جرائم غسل الأموال، إذ تهدف هذه العقوبات إلى ردع الجرائم المالية، وضمان المساءلة على المستويين الفردي والمؤسسي.
إذ تعكس هذه العقوبات مدى جسامة استغلال النفوذ المؤسسي أو الارتباط بالجريمة المنظمة.
تلتزم المؤسسات المالية في مملكة البحرين باتباع آلية إلكترونية ممنهجة لتقديم تقارير المعاملات المشبوهة، تحت إشراف مصرف البحرين المركزي (CBB) ومديرية الاستخبارات المالية (FID). وتتمثل خطوات هذه العملية فيما يلي:
تُسهّل منصة فوكال على الشركات العاملة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الامتثال لمتطلبات مكافحة غسل الأموال (AML)، وذلك عبر توفير أدوات موثوقة وسهلة الاستخدام.
تغطي حلول الامتثال لمكافحة غسل الأموال التي توفرها المنصة جوانب رئيسية تشمل مراقبة المعاملات لرصد الأنشطة المشبوهة، وإدارة الحالات لمتابعة التنبيهات والتحقيق فيها، وإجراءات العناية الواجبة بالعملاء للتحقق من الهوية وتقييم مستوى المخاطر. وتعمل هذه الأدوات بشكل متكامل لتُمكِّن المؤسسات من تحقيق الامتثال بكفاءة وفعالية وسهولة.
نعم، البحرين عضو كامل في مجموعة العمل المالي (FATF)، من خلال انضمامها إلى مجلس التعاون لدول الخليج العربية، كما تُعد عضوًا نشطًا في مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENAFATF).
تخضع جميع المؤسسات المالية الخاضعة لتنظيم مصرف البحرين المركزي لقوانين مكافحة غسل الأموال، وتشمل: البنوك، وشركات الاستثمار، وشركات التأمين، ومكاتب الصرافة، والوسطاء الماليين.
كما تمتد هذه المتطلبات إلى الجهات غير المالية المحددة (DNFBPs) مثل وكلاء العقارات، والمحامين، والمحاسبين، حسب مقتضى الحال.
يتولى مسؤولو الامتثال مسؤولية تنفيذ السياسات الخاصة بمكافحة غسل الأموال، والإشراف على إجراءات العناية الواجبة بالعملاء (CDD)، ورصد المعاملات المشبوهة، وتقديم تقارير المعاملات المشبوهة في الوقت المناسب، إلى جانب تدريب الموظفين والتواصل مع وحدة الاستخبارات المالية في البحرين (FIU).
كما يجب عليهم ضمان التزام المؤسسة بجميع تعليمات مصرف البحرين المركزي والمعايير الدولية ذات الصلة.
تنص المادة الثانية من القانون على أن جريمة غسل الأموال تشمل أي تصرف يخص التعامل مع متحصلات إجرامية، بما في ذلك إخفاؤها. ويُقصد بالمتحصلات الإجرامية الأصول التي تم الحصول عليها، كليًا أو جزئيًا، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، من أنشطة غير مشروعة ارتُكبت داخل أو خارج البحرين. وقد تكون هذه الأصول منقولة أو غير منقولة، مادية أو معنوية.
لإدانة شخص بارتكاب جريمة غسل الأموال، يجب أن يكون عالمًا أو مشتبهًا بشكل معقول بأنه يتعامل مع أصول تم الحصول عليها بشكل غير مشروع، أو يقوم بإخفائها، أو يمتنع عن الإفصاح عنها.